تقديم حول برنامج عمل الجماعة

في اطار مقاربة مندمجة, حيث يشكل الخطاب الملكي السامي ليوم 18ماي2005 القاعدة التاسيسية لمفهوم الالتقائية فقد جاء فيه (…فاننا نعتبر ان التنمية الفعلية والمستدامة لن تتحقق الا بسياسات عمومية مندمجة, ضمن عملية متماسكة,ومشروع عمل, وتعبئة قوى متعددة الجبهات تتكامل فيها الابعاد السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية والتربوية والثقافية والبيئية…).
و في نفس السياق لابد من التذكير بان نجاعة برنامج عمل الجماعة رهين بمدى انسجامه مع توجهات برنامج التنمية الجهوية الذي يتحمل عبء رسم الاطار العام للتنمية الجهوية مع ضرورة الحفاظ على الخصوصية المحلية لكل جماعة على حدة, تكريسا لوظائفها التقليدية, من خلال تثمين امكانياتها الذاتية واستثمارها في مشاريع عدة .
تعتبر الجماعة محركا اقتصاديا واجتماعيا , وقطبا أساسيا للاستثمار . وصاحبة الاختصاص الأصيل في مجال التخطيط المحلي , وتوجيه التنمية الاقتصادية والاجتماعية ,وإنجاز البنيات التحتية و التجهيزات الأساسية .
و من تم اضحى التخطيط اختيارا استراتيجيا في تدبير الشأن العام المحلي ,ومنهجا واقعيا لتثبيت أسس سياسة القرب , وأساسا مرجعيا لأوراش التنمية المحلية .
فوظيفة التخطيط أصبحت بموجب مقتضيات الفصل 78 من القانون التنظيمي رقم 113-14 المتعلق بالجماعات وعدة قوانين تنظيمية مؤطرة لإعداد برنامج العمل الزاما قانونيا , وأداة أساسية لتعبئة القدرات, والتحكم في المؤهلات, ورسم رؤية واضحة لتحسين ظروف عيش السكان من خلال اشراكهم في بلورة انتظاراتهم وانشغالاتهم.
فمن المؤكد ان هذا التوجه يشكل مؤشرا أساسيا, ينطوي على مقاربة جديدة تفضي الى نهج أسلوب جديد يجعل من الجماعة حجر الزاوية, وقطب الرحى لتحقيق تنمية مستدامة, لكن بعيدا عن التدبير الأحادي والتخطيط الافقي الذي ظل يتمترس وراء مفهوم السلطة العامة , ليفسح المجال للتشاور و التشارك اللذين اصبحا اكثر فاكثر مدخلا أساسيا لترسيخ مفهوم الحكامة المحلية الجيدة.
على هدا النحو, فالمقاربة التشاركية تشكل مساحة ضرورية لاحداث دينامية تفاعلية كفيلة بتقريب وجهات النظر بين الإدارة المحلية والفاعلين الإقتصاديين والإجتماعيين, وكفيلة في نفس الوقت بكسر الحواجز المصطنعة بين صانع القرار المحلي والمحيط مكان تنفيذ القرار.
ومن الزاوية نفسها, فان نتائج المقاربة التشاركية لا يمكن أن تكون تامة الا باستحضار مقاربة النوع الاجتماعي, الذي ينطوي على مضمون أخلاقي واضح المعالم يروم تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال إشراك الفئات ذات الأوضاع الصعبة والهشة (اشخاص في وضعية صعبة, اشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة, …) في تحليل حاجياتهم, وصياغة انتظاراتهم وانشغلاتهم وتحديد أولوياتهم وتتبع المشاريع المزمع إنجازها لتحسين أوضاعهم من أجل إدماجهم في مسلسل التنمية المحلية, وتسهيل عملية ولوجهم للخدمات الاجتماعية والمرافق العمومية, حيث تتخذ تعددية الأفكار والحساسيات شكلا من اشكال الإسهام في الإحاطة الدقيقة بواقعهم.
إن برنامج عمل الجماعة باعتباره اطارا تحليليا وقاعدة لقياس مختلف مؤشرات التنمية, وأداة لتقويم وتصحيح الإختلالات, ووسيلة لتقييم النتائج والوقع يستقي توازنه العملي , ونجاعته الميدانية, ورصانة إطاراته المؤسساتية في قدرته على تعبئة جميع الفاعلين حول مقاربة ترابية تشاركية منسجمة, تمس مختلف القطاعات في تناغم مع المجالات التي تحظى بالأولوية من خلال إعتماد آليات الشراكة و المشاريع ذات قيمة مضافة عالية.

قد يعجبك ايضا